النشاط الرياضي والتحكم بالوزن


النشاط الرياضي والتحكم بالوزن



يمثل النشاط البدني المنتظم أهمية كبيرة لأي محاولة لإنقاص الوزن أو السيطرة عليه، وهو بالإضافة إلى ذلك يقي من أمراض أخرى عديدة ويرفع من المستوى الصحي العام للفرد وللمجتمع. و قد بينت الدراسات أن الفائدة لا تكمن في رياضة معينة بحد ذاتها ولكن كل الأنشطة الرياضية من شأنها أن تفيد. فكيف يساعد النشاط الرياضي على التحكم بالوزن؟
يساعد النشاط البدني بشكل عام على التحكم بالوزن من خلال دوره في حرق السعرات الحرارية المخزنة في الجسم على شكل دهون. وببساطة فإن الوزن يتحدد من خلال الفارق بين ما يدخل الجسم من سعرات حرارية عن طريق الطعام وما يخرج منه عن طريق الطاقة البدنية التي تبذل في كل يوم.
ويحتوي الطعام الذي تتناوله على سعرات حرارية، وكل أنشطة نقوم بها بما فيها النوم، التنفس، وحتى هضم الطعام يفقدنا سعرات حرارية، وبالتالي فإن أي نشاط بدني نقوم به - بالإضافة للأعمال الروتينية المعتادة - سوف يفقدنا سعرات حرارية إضافية.
 إن التوازن بين السعرات التي تدخل الجسم والتي تخرج منه يساعدنا على الوصول للوزن المطلوب، فعندما نتناول سعرات أكثر مما نحتاج للقيام بالأعباء التي تفرضها حياتنا اليومية فإن أجسامنا ستقوم بتخزين السعرات الحرارية الزائدة على شكل دهون وبالتالي سنجني أوزانا زائدة.
وعندما نتناول سعرات حرارية أقل مما نحتاج فإن أجسامنا ستلجأ للدهون للحصول على السعرات الحرارية اللازمة وبالتالي سنفقد وزنا، وعندما نتناول من السعرات الحرارية بقدر ما تحتاجه أجسامنا لتقوم بوظائفها المعتادة فستبقى أوزاننا على حالها.
إن القيام بنشاط سواء كان ذا شدة عالية مثل الجري والرياضات الهوائية أو ذا شدة متوسطة الشدة مثل المشي أو الأعمال اليدوية أو المنزلية سوف يزيد من السعرات الحرارية التي يفقدها الجسم. والخلاصة في ذلك أن مفتاح الوزن الناجح المطلوب وتحسين المستوى الصحي العام يكمن في جعل النشاط البدني جزء من روتين حياتنا اليومية.

دهون الجسم Body Fat  وإنقاص الوزن
إن التعرف على نسبة الدهون في الجسم يعتبر أمرا ضروريا لدى التخطيط لإنقاص الوزن، حيث أن أي شخص يريد أن ينقص وزنه فإنه يريد أن ينقص نسبة الدهون في الجسم، مع الأخذ بعين الاعتبار بأن هناك نوعين من الدهون هما:
·          دهن ضروري ويمثل من 3 – 5% من وزن الجسم بالنسبة للرجال، ويمثل 10 – 12% بالنسبة للسيدات. وهذا الدهن هو المسؤول عن قيام الجسم بوظائفه الحيوية حيث أنه يعتبر بمثابة مستودع الطاقة في الجسم، وهو ينتج الحرارة الحرارة، ويحمي الأنسجة والأحشاء الداخلية من الصدمات.
·          دهن ليس ضروري: تنتج عن زيادة الوزن الناجمة عن تناول كميات من السعرات الحرارية تزيد عن احتياجات الجسم.
وتتوافر أجهزة إلكترونية رقمية تقيس نسبة الدهون في الجسم من خلال إصدار تيارات كهرو- مغناطيسية تتغلغل في أنسجة الجسم، وتحسب نسبة الدهون بعد تزويدها بالوزن والطول والعمر. ويظهر الجدول (1) التالي نسب الدهون الضرورية وغير الضرورية:
جدول (1)
نسب دهون الجسم Body Fat وفقا لفئات متنوعة
التصنيف
رجال
%
سيدات
%
دهون ضرورية
3 – 5%
10- 12%
رياضيون
6 – 13%
14 – 20%
أشخاص ذوي لياقة بدنية مناسبة
14 – 17%
21 – 24%
نسب مقبولة إلى حد ما
18 – 25%
25 – 31%
مستوى زائد عن الحد (سمنة)
25%
32%
وعليه فإن شخص وزنه 70 كغم ونسبة الدهون لديه 10%، أي أن وزن الدهون لديه = 70 x  10% = 7 كغم دهون. وهذا يعني أن الوزن الباقي (70 – 7 = 63 كغم) هو من مكونات أخرى مثل العظام والعضلات والدم والسوائل والأربطة وغيرها.
ولنفترض أن امرأة وزنها 60 كغم ولديها 23% دهون وهدفها إنقاص 10 كغم من وزنها. فهل هذا أمر صحي بالنسبة لها أم لا؟ دعونا نرى:
الدهون الموجودة أصلا لديها = 60 x 23% = 13.8 كغم
المكونات الأخرى = 60 – 13.8 = 46.2 كغم
هدف السيدة يعني أنها تريد إنقاص وزنها ليصل إلى: 60 – 10 = 50 كغم
وبما أن إنقاص الوزن سيكون على حساب دهون الجسم، فإن هذه السيدة لا تراعي المتطلبات الصحية الضرورية حيث أن كمية الدهون التي ستتبقى لديها بعد إنقاص وزنها ستكون: 13.8 – 10 = 3.8 كغم وهي تمثل 7.6% من الوزن الذي وصلت إليه.
وبالرجوع إلى الجدول (1) نجد أن نسبة الدهون لديها أقل من الحد الضروري الموصى به! والصحيح أن هذه السيدة كان يجب أن تخفض نسبة دهون الجسم إلى 18% تقريبا من خلال إنقاص وزنها من 3 – 4 كغم فقط

كم من السعرات تحتاج أجسامنا يوميا؟
الكثيرون منا يعرفون أن التحكم بالوزن يعتمد على توازن الطاقة أي كمية الطاقة التي تدخل الجسم (السعرات الحرارية التي يحتويها الطعام) مقابل الطاقة التي يبذلها الجسم (الحركة والنشاط)، ولكن القليلين يعرفون مقدار السعرات التي يحتاجونها يوميا! إن معرفة احتياجات الجسم من الطاقة يساعد في الوصول للغذاء المناسب. وهناك طريقتان لتحديد ذلك:
الطريقة الدقيقة:
هناك ثلاثة مكونات رئيسية تتحكم في مدى استهلاك الجسم للطاقة، وللحصول على كمية السعرات التي يحتاجها جسمك كل يوم عليك جمع نواتج المكونات التالية معا:

أولا: معدل عمليات الأيض (استهلاك السعرات الحرارية) الأساسية Basal Metabolic Rate  (BMR):
إن غالبية طاقة الجسم ( 60 -70 % ) تذهب من خلال الاستهلاك الضروري للسعرات الحرارية لإبقاء خلايا الجسم تعمل بصورة مناسبة. وتشمل ضربات القلب و التنفس والحفاظ على حرارة الجسم وغيرها من العمليات الأساسية. ولتحديدBMR  هناك معادلتان واحدة للذكور وأخرى للإناث:
· المعادلة بالنسبة للذكور: الوزن X 23
· المعادلة بالنسبة للإناث: الوزن X 21
ثانيا: الطاقة المبذولة خلال النشاط البدني:
يسهم النشاط البدني في استهلاك ما بين 20 و30 % من السعرات الحرارية علما بأنه كلما زاد الوزن تزداد كمية السعرات المحروقة. وبالنسبة لغالبية الناس فإن السعرات التي تحرق أثناء النشاط البدني تقدر كالآتي:
· 240 سعر حراري / ساعة للأنشطة الخفيفة ( تنظيف المنزل )
· 370 سعر حراري / ساعة للأنشطة المعتدلة (المشي بمعدل 6 كيلومتر في الساعة)
·580 سعر حراري / ساعة للأنشطة العنيفة (الجري بمعدل 6 دقائق للكيلومتر الواحد)

ثالثا: التأثير الحراري للطعام Thermal Effect of Food

ويتم احتسابها باستخدام المعادلة التالية:

كمية السعرات التي نتناولها
X 10 %
الطريقة التقديرية:
من الممكن تقدير ما نحتاجه من سعرات حرارية يوميا كما يلي:
·  بالنسبة للأشخاص قليلي الحركة: الوزن X 27
·  بالنسبة للأشخاص معتدلي الحركة: الوزن X 33
· بالنسبة للأشخاص النشطين: الوزن X 38
ويشار هنا إلى أن الشخص معتدل الحركة هو الشخص الذي يمارس التدريبات الرياضية بمعدل 3 – 4 مرات أسبوعيا، أما النشيط فهو الشخص الذي يمارس التدريبات الرياضية بمعدل 5 – 7 مرات أسبوعيا.
ماذا عن إتباع حمية غذائية (ريجيم) لإنقاص الوزن؟
غالبا ما يغير متبعي الحميات الغذائية من وصفة لأخرى آملين أن تقدم لهم كل وصفة جديدة الحلول التي ينشدون، وفي الواقع فإن الحميات الصارمة يكون أثرها سلبيا لأنها تبطئ عمليات الأيض Metabolism  وهنا يكمن السبب في انتشار أعداد ضخمة من الحميات الفاشلة.
السبب الرئيسي لفشل برامج إنقاص الوزن من خلال تحديد وصفات غذائية دون رياضة يعود إلى تغيرات تحدث في العضلات، وتغيرات هرمونية بالإضافة إلى أسباب نفسية فكيف ذلك؟
عندما يواجه الجسم حالة تقليل كمية السعرات الحرارية التي تدخل إليه فإن رد الفعل الطبيعي له هو أن يحافظ على الدهون وبالتالي فإنه يبطيء من عمليات الأيض وهذا يمثل آلية طبيعية ينتجها الجسم في مواجهة الطواريء، وبالطبع فإن استجابات الجوع و ما يرافقها من تغيرات هرمونية مصدرا من مصادر التعقيد والإحباط لحياة الأفراد الذين قد يوقفون البرنامج ويعودون إلى أنماط حياتهم الغذائية السابقة. وإذا ما استمر الشخص بإتباع حميته القاسية، فإن الجسم يبدأ بتكسير أنسجة العضلات من أجل السوائل، وعندما يتكسر البروتين فإنه يطلق النيتروجين وعندها فإن الجسم يتعامل مع النيتروجين عن طريق الحصول على الماء من خلايا الأنسجة مسببا نقصا في الوزن على حساب الماء. إن هذه النتيجة لا تستحق البهجة، فنقص المياه ممكن تعويضه فورا عن طريق تناول السوائل، أما العضلات التي تم فقدها فإنها تتسبب في إبطاء عمليات الأيض لفترة طويلة من الزمن. فالعضلات تعتبر من الأنسجة النشطة في عمليات الأيض، فهي تحتاج عددا معينا من السعرات الحرارية يوميا لصيانة نفسها، لذلك فبقدر ما لديك من عضلات بقدر ما تحرق السعرات حتى ولو كونت جالسا دون حراك، و بالمقابل فإذا تضائل حجم العضلات فإن مقدار حاجتك للسعرات يتناقص أيضا.

افترض أن أحد ما من الملتزمين ببرنامج غذائي صارم فقد 5 كجم من العضلات، فإذا كان كل كجم يحرق 100 سعر حراري في اليوم في حالة عدم النشاط فإن مجموع السعرات التي كانت تحرقها تلك العضلات المفقودة هو 10 X 5 = 500 سعر حراري يوميا، وبالتالي فإن على هذا الشخص أن يقلل من السعرات التي يتناولها بمقدار 500 سعر حراري إذا أراد أن يحافظ على الوزن الذي وصل إليه! أليس هذا أمرا محبطا؟

وبما أننا نعلم أن معظم الذين يتبعون أنظمة غذائية صارمة يتوقفون عن برنامجهم هذا بعد مدة ويعودون إلى نمطهم الغذائي السابق، فإن أوزانهم تبدأ بالازدياد ولكن الذي يحدث أن الزيادة تكون فقط في الدهون وليس في العضلات، وبالتالي فإنه يصبح لديهم كمية أكبر من الدهون وكمية أقل من العضلات، وهذا ببساطة يعني أن عمليات الأيض تصبح أبطأ واحتياجاتهم من السعرات تصبح أقل، فهم لو عادوا إلى أنماطهم الغذائية السابقة فإنهم يحتاجون إلى عدد أقل من السعرات الحرارية بمقدار 500 يوميا (كما في المثال) بسبب فقدانهم للعضلات، وهنا يكمن السبب في عودة متبعي الحميات إلى أوزانهم السابقة بسرعة وربما يصبحون أكثر وزنا.

ما العمل:
الحل يكمن في اختيار طريقة حياة نشطة تحتوي على تدريبات هوائية وبرنامج واضح لتدريب الأثقال بالإضافة إلى تغذية صحية متكاملة تتأسس على تناول الفواكه والخضراوات الطازجة والبروتينات الخالية من الدهون بالإضافة إلى الحبوب الكاملة.
وقد ثبت أن تناول 4 – 6 وجبات صغيرة يوميا ينشط من عمليات الأيض، ولا مانع من تناول بعض الحلوى والوجبات السريعة الغنية بالدهون والمكسرات ولكن بكميات معقولة. إن إتباع مثل هذا الروتين يجعل الفرد يجني نصف كجم من العضلات أسبوعيا بينما يفقد نصف كجم من الدهون، وبهذه الحالة تصبح ملابسه واسعة قليلا، بينما وزنه لم يتغير، ومن هنا يكمن السبب في توقف البعض عن تدريبات القوة نتيجة الجهل بفسيولوجية ما يحدث. والحقيقة أنه بإتباع برنامجا لتدريبات القوة فإنه من المرجح أن يصبح الفرد أقل حجما ولكن أثقل وزنا، فالعضلات ذات حجم أقل من الدهون، وبالتالي فإن الميزان قد يقود إلى الاتجاه الخطأ.
أخيرا يجب التذكر أن الغرض من التدريب أن نصبح أقوياء، ونتمتع بصحة جيدة ونثق بصورة أكبر في قدراتنا لا أن نعاقب أنفسنا من خلال التضور جوعا.

ماذا تقول الدراسات الحديثة حول الوزن واللياقة البدنية؟
أظهرت إحدى الدراسات الهامة التي أجريت على 25000 رجل أن الأشخاص الأكثر لياقة من الناحية البدنية تنخفض نسبة الوفيات بينهم حتى ولو كانوا من أصحاب الوزن الزائد. وهذا يعني أن ذوي الوزن الزائد عليهم أن يعيروا اللياقة البدنية أهمية أكبر من انشغالهم بالتفكير بزيادة أوزانهم، حيث أنهم يستطيعون من خلال النشاط الرياضي المنتظم والمعتدل أن يصبحوا لائقين بدنيا بما يناسب أحوالهم، وبالتالي يتلافوا الأخطار الناجمة عن السمنة.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

إعلان القائمة الرئيسية

إعلان جانبى

نموذج الاتصال